ما قبل الطوفان ـ عهد البشرية الأول

 مقدمة

لا جدل ولا جدال في أن جميعنا من تراب، فسبحان مصورنا الذي أخرج من التراب كبار العشائر والأنساب، وخلق لأبناء آدم حياة وعمران ومهد لهم الأسباب، ومع اكتثار بني آدم وانتشارهم أباح لهم الباءة والاقتران معلنا امره بإعمار ارضه بدون طبقية أو تمييز بين عبادة فقد خلق الله الناس من أب واحد هو «آدم»، وأم واحدة هي «حواء»، فلا تفاضل بينهم في النّسب، وجعلهم بالتناسل شعوبا وقبائل متعددة.

آدم وحواء


عهد البشرية الاول 

ظل الناس على التوحيد زمنا بعد وفاة «آدم» عليه السلام، ولم يكن هناك شرك لقرون طويلة بعد تبليغه الرسالة لأبنائه في سلام، حتى تبدلت الأجيال وجاء زمان يملأه التردي واتباع خطوات الشيطان، وفيه ظهرت الطبقية والعنصرية وترك البشر تعاليم السماء، فابتعد الناس عن الدين رويدا رويدا، وانتشر في مجتمعهم الضلالات والجحود بالله.

ما بين آدم ونوح

كان هؤلاء الناس الضالون قد جاءوا بعد أن عاش بنو آدم عشرة قرون على التوحيد بعد بعثة أبينا «آدم» علیه السلام كما هو شائع عند أهل العلم الإسلامي فقد روى الطبري في تفسيره عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق، فاختلفوا، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين». وليس شرطا أن القرن هنا مئة عام؛ فربما المقصود به عشرة أجيال استدلالا بتفسير ما تم ذكره في القرآن الكريم "ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ" (٤٢) المؤمنون 

وبما أن الأعمار في هذا الوقت كانت طويلة جدا فربما يكون الجيل وقتها أكثر من مائة سنة. 

 وإذا نظرنا إلى الآباء الذين كانوا بين آدم ونوح سنجدهم تسعة اباء ونوح عاشرهم.

من آدم لنوح، بحسب التوراة والإنجيل والمؤرخين المسلمين

وهذا يفسر كلمة «عشرة قرون»، أي أن كل أب كان على رأس قرن.

وهنا تتوقف معرفة الفترة على تعريف كلمة «قرن»، فالقرن يعادل مائة عام فقط في زمننا الذي تتراوح أعمار ضيوفه بين الستين والسبعين، فربما كان الجيل قديما أكثر بكثير نظر لأعمارهم التي كانت تصل إلى ألف سنة أو أقل بعشرات السنوات، فقد كان الجيل قبل قوم نوح يعمرون الدهور الطويلة فعلى هذا يكون بين آدم ونوح ألاف السنين «والله أعلم». 

لذلك فكل ما ورد في هذا الشأن إنما هو ضرب من التخمين، وأن الآثار التي رويت في ذلك يمكن تأويلها على أنحاء شتى، فتكون ألفا وتكون الآلاف من السنين، ولا يقين في الموضوع.

 ولكن هذا يطرح سؤالاً مهاًّ عن هذا العصر السحيق الذي كان بين آدم ونوح، هل آتاهم نبي أو رسول في هذه السنون الطويلة؟ أم ظلت البشرية طيلة هذه القرون دون معاصي أو شرك بالله. 

هل هناك أنبياء قبل نوح؟ 

هناك أكثر من اختلاف في هذا الأمر لدى معتنقي الدين الإسلامي فقط، فعلى سبيل المثال: اختلف علماء الإسلام في كون «شيث بن آدم» عليهما السلام نبيا أم لا، وهناك اختلاف آخر في كون «إدريس» قبل «نوح» عليها السلام أم العكس، وما زالت هذه الأمور محل خلاف بين أهل العلم الإسلامي فقط، وهذا ليس خلافا عقائديا على الإطلاق، فلا فرق في ذلك، بل هو خلاف تاريخيا، فلا ضرر ولا ضرار من وجود أحدهما قبل الآخر، وسنوضح الآراء المختلفة من لدن علماء الإسلام والتوراة والإنجيل عن كون «إدريس» قبل أم بعد «نوح» عليهما السلام، بما أنهم جميعهم يؤمنون بنبوته، ولكن حتى لا نطيل؛ سنذكر في خلال هذه الآراء قصص الأولين منذ وفاة «آدم» حتى بعثة «نوح» عليهم جميعا السلام.

الرأي الاول 

يعتمد أصحاب هذا الرأي على أن «شيث بن آدم» كان نبيا ويعتمدون في هذا الرأي على وصاية «آدم» عليه السلام عندما حضره الموت بتكليف «شيث» بالإمارة على بنيه، والقيام بشؤنهم. 

شيث بن آدم

لم يذكر القرآن الكريم اسم «شيث بن آدم» في أي موضع من المواضع، ولكن يتبين من الأحاديث النبوية وكتب التراث الإسلامي أنه الابن الثالث والبار لآدم وحواء. 


أبناء آدم الثلاثة


ويرى بعض المفسرين أن «شيث» هو الذي تلقى الصحف الأولى المذكورة في سورة الأعلى من القرآن. وذكر العديد من العلماء وعلى رأسهم «ابن جرير الطبري» أن حواء ولدت «شيث» لما مضى من عمر آدم عليه السلام مائة وثلاثون سنة، وذلك بعد قتل «قابيل» لـ «هابيل» بخمس سنين، ومعنى ذلك أنه خلفا لـ «هابيل» وعند موت «آدم» دفع كتاب وصيته إلى «شيث»، وأمره أن يخفيه من قابيل وولده، لأن «قابيل» كان قد قتل «هابيل» حسدًا منه حين خصه «آدم» بالعلم.

 وقيل أن «شيث» دفن «آدم» ودفن معه النصوص المقدَّسة في قبره، وأن الله أتاه العلم والحكمة لدرجة أنه علم بموعد الطوفان العظيم 

وفي الديانة اليهودية نجد أن شيث هو أب لكل البشر الذين نجوا من الطوفان، وأنه هو أب كل الصادقين والصالحين، وأن ذُريته كانت ٥٦ ولدًا،  ونسبةً لما ذكره كتاب «اليوبيلات» هو كتاب يهودي ديني قديم ، يُسمى أحيانًا سفر التكوين الصغير، وكان معروفًا للكتاب المسيحيين والحاخامات اليهود بشكل جيد في وقت مبكر في الشرق والغرب، ولكن في وقت لاحق تم قمعه بشكل كبير فلم تبق أي نسخة عبرية أو يونانية أو لاتينية كاملة.

 أن شيث قد تزوّج أخته التي كانت تصغره بأربع سنوات، والتي كانت تُدعى «أزورا» في عام ۲۳۱ س.ع، وأنجبت له الابن الصالح «أنوش» في عام ٢٣٥ س.ع.

(س.ع) سنة العالم هو «تقويم عبري» هو عصر التقويم الذي يبدأ من خلق العالم بحسب التوراة.

وفي - الديانة المسيحية - نجد أيضًا أن ولادة شيث كانت في سنة۱۳۰ س.ع، ويعتبر المسيحيون شيث واحدًا من الآباء القديسين في الكنيسية الرسولية الأرمنية، ويخلدون ذكراه هو وأباه آدم في يوم ٢٦ يوليو من كل عام.

 ويعتقد معتنقو الأديان السماوية الثلاث، أن نسب البشرية كلها يعود إلى «شيث بن آدم»، لأنَّ أخاه «هابيل» قد مات ولم ينجب أي ولد، أما «قابيل» فأجياله قد لقوا حتفهم بعد ذلك في «الطوفان العظيم» ويعتقد بعض علماء المسلمين أن شيث هو المعلم الأول للعديد من الحرف التقليدية التي توارثها الإنسان عبر الزمان.

 ويرى أصحاب رأي نبوة شيث أنه كان «هبة الله» بعد وفاة «هابيل»، لأن ترجمة اسم «شيث» تحمل هذا المعنى.

 اصطفی الله تعالى شيث عليه السلام من ولد «آدم» وأعطاه النبوة، وأصبح يُعيّن ولده في أمور الدعوة والإرشاد والتوحيد، ومع ازدياد ذرية آدم وتكاثرها تحمل شيث الوصاية خصوصًا بعد وفاة أبيه آدم علیه السلام، وأصبح يفصل بين الناس في الحرام والحلال، وأصبح مشرعًا لهم، ومنعهم من الاختلاط بأبناء «قابيل» الملعون. 

وتصديه لهؤلاء الذين أفسدوا في الأرض بسوء نجحت دعوة «شيث»، ولم تختلط ذُريَّة أبناء «شيث بن آدم» بذرية «قابيل» المنبوذ وتمسكوا بمكانهم على الجبل المقدس، ولم ينزلوا إلى السهول حتى توفي «شيث»، بعد ذلك عُهد الأمر إلى ابنه «أنوش» (حسب المسمى التوراتي) كواص وليس كنبي - على حد قول هذا الرأي – وبحسب التوراة هو أول أبناء شيث. 

 ويذكر «سفر التكوين» أن شيث قد أنجب «أنوش» وهو في سن ١٠٥ عام، وبرغم عدم ذكر «أنوش» في القرآن لكن تم ذكره لدى علماء المسلمين والمؤرخين العرب، فقد وصفوه في تأريخهم بأنه كان صالحًا يأمر ذريته بتقوى الله والعمل الصالح، فسبحوا الله وقدسوه، وكان كافة أبنائهم ونسائهم ليس بينهم عداوة ولا تحاسد ولا أي نزاعات ولا تباغض ولا تهمة ولا كذب ولا خلاف ، وكان أحدهم إذا أراد أن يحلف قال: لا ودم هابيل. ولما حضرت وفاة شيث أتاه بنوه وبنو بنيه، ونساؤهم، وأبناؤهم، فصلى عليهم، ودعا لهم بالبركة، وتقدم إليهم، وحلفهم بدم هابیل ألا يهبط أحدٌ منهم من هذا الجبل المقدس، ولا يتركوا أحدًا من أولادهم يهبط منه، ولا يختلطوا بأولاد «قابيل» الملعون، وأوصى إلى «أنوش» ابنه وأمره أن يحتفظ بجسد آدم، وأن يتقي الله ويأمر قومه بتقوى الله وحسن العبادة، ثم توفي بعمر (تسعمائة واثنتي عشرة سنة). 

أنوش بن شيث بن آدم

تولى «أنوش بن شيث بن آدم» الوصاية على ذُرية «شيث»  وقام «أنوش بن شيث بن آدم» بحفظ وصية أبيه وجده وأحسن عبادة الله، وأمر قومه بحسن عبادة الله ولما حضر أنوش الوفاة اجتمع إليه بنوه وبنو بنيه، ونساؤهم وأبناؤهم، فصلى عليهم، ودَعَا لهم بالبركة، ونهاهم أن يهبطوا من جبلهم المقدس، أو يتركوا أحدًا من بنيهم يختلط بولد «قابيل» اللعين، وأوصى ولده «قينان» بجسد آدم، وأمرَهُم أن يصلّوا عنده ويقدسوا الله كثيرًا. وتقول التوراة إنه توفى بعمر (تسعمائة وخمس وستين سنة)، فاستلم بعده الوصاية ولده «قينان».

قينان بن أنوش بن شيث بن آدم

تولى «قينان بن أنوش بن شيث بن آدم» من بعده، ويَذكُر المؤرخين العرب أنه كان تقيا ومقدسًا، فلما حضر الموت اجتمع حوله بنوه ونساؤهم وأبناؤهم، فصلى عليهم، ودَعَا لهم بالبركة، وأملاهم الوصاية الموروثة، وأقسم عليهم بدم «هابيل» أن لا يهبط أحدًا منهم من جبلهم المقدس إلى السهول حيث يقطن ذُرية الملعون «قابيل»، وجعل وصيته إلى «مهلائيل» ابنه، وأمره أن يحتفظ بجسد آدم ومات «قينان» وتقول التوراة إنه توفي بعمر (تسعمائة سنة وعشرين سنة)، فاستلم الوصاية من بعده ولده «مهلائيل».

مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم

 تولی «مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم» من بعده، وقام في قومه بطاعة الله تعالى، واتباع وصية أبيه.

 ولما دنا موت «مهلائيل» أوصى إلى ابنه «يرد» بحفظ جسد آدم، وتقول التوراة إنه توفي بعمر (ثمانمائة سنة وخمس وتسعين سنة)، فاستلم الوصاية من بعده ابنه «يرد». 

يرد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم

تولی «يرد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم»، وقال عنه المؤرخون العرب إنه كان رجلًا مؤمنًا، كامل العبادة الله، كثير الصلاة بالليل والنهار فزاد الله في حياته، وتوضح التوراة أنه كان على منهاج أبويه «مهلائيل» و«قينان»، لكنَّ أحداث الشر بدت في زمانه ، فلما مضى من حياة «يرد» خمسمائة سنة نقض بنو شيث العهود والمواثيق التي كانت بينهم، والسبب أنه بعد وفاة شيث بفترة تسلل الشيطان بين أبناء القاتل «قابيل» وتشخص في شكل غلام جميل وعمل في خدمة رجلًا من سهل أبناء قابيل، وابتدع هذا الفتى صوت المزمار بعدما زمر في شيء مثل الوعاء، فخرج بصوت لم يُسمع من قبل، فانتبه الجميع لفكرته، وخلال هذه السنوات الماضية زادت فتنة إبليس في معسكرهم وبدأ يُزين لهم أعمالهم، وحبَّب إليهم أمورًا جديدة في اللباس والزينة والأمور الغريبة، وعلم ولدين من أبناء «قابيل» أصناف الغناء والمزامير، فصنع الابن الأول وكان يُدعى «يوبال» المزامير والطنابير والبرابط، وصنع الثاني وكان يُدعى «توبال» الطبول والدفوف والصنوج، ولم يكن لبني قابيل عمل صالح يشغلهم ، فتملكهم الشيطان، فكانوا يرتكبون المحارم والمآثم، ويجتمعون على الفسق صغيرهم وعجوزهم، وكانوا دائما يجتمعون فيزمرون ويضربون بالطبول والدفوف والبرابط والصنوج، ويصيحون ويضحكون ، وابتدعوا عيدًا لأول مرة يجتمعون فيه كل سنة النساء للرجال، ويفسر بعض علماء المسلمين أن هذا التبرج هو «تبرج الجاهلية الأولى» المذكور في القرآن.


سمع أهل الجبل المقدس من بني شيث» أصوات عزوف «بني قابيل» وهأهأة الضحكات الخليعة لنسائهم، وهبت الفتنة حول جبلهم المقدس ترفرف في أجوائهم، واستهوى الأمر بعض من ضعاف النفوس بينهم كان عددهم مائة رجل، فقرروا الهبوط إلى بني «قابيل»، لينظروا ما تلك الأصوات فذهبوا ولم يرجعوا وقال مائة آخرون لو نظرنا ما فعل إخوتنا (في محاولة منهم لإبداء الرغبة في النزول بحجة الاطمئنان على من نزلوا)، فلما بلغ ذلك كبيرهم «يرد»، أتى الذرية جميعًا، وخطب فيهم وناشدهم بالله و ذكَّرهم بوصية آبائهم، وحلف عليهم بدم هابيل، خطب فيهم ولده «أخنوخ بن يرد» صائحًا: اعلموا أنه من عصي منكم أبانا «يرد» ونقضَ عهود آبائنا، وهبط من جبلنا لم ندعه يصعد مرةً أخرى مهما حدث، فأبوا إلا أن يهبطوا وأصروا، فلما هبطوا إلى السهول اختلطوا ببنات قابيل فاحتجزتهم النساء وأغوتهم بعدما فتنوا بجمالهن، فركبوا الفواحش، وظهر الزنا في تاريخ بني آدم، وابتعدت طائفة كبيرة من ذرية «شيث» عن وصايا أجدادهم، فتناكحُوا واختلطوا، وكثر بنو قابيل حتى ملأوا الأَرض. 

 فلما حانت لحظة موت يرد التف حوله أبناؤه فصلى عليهم، ودعا لهم بالبركة، وحملهم الوصاية الموروثة ونهاهم أن يهبطوا من الجبل المقدس مثل الهابطين المخالفين، وقال: إنكم لا محالة ستهبطون إلى الأرض السفلى، فأيكم كان آخر هبوطاً فليهبط بجسد أبينا آدم، ثم ليجعله وسط الأرض كما أوصانا، وأمرَ «أخنوخ» بالوصاية، وتقول التوراة بأنه توفى عن عمر (تسعمائة واثنين وستين سنة)، وتولى من بعده الوصاية ابنه «أخنوخ».

أخنوخ بن يرد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم

تولى «أخنوخ بن يرد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم» الوصاية في ظروف صعبة بعدما انتشرت المعاصي في عهده، ويعتقد العديد من - علماء المسلمين - أنه هو نبي الله «إدريس»، نسبةً لما ذكره العديد من المؤرخين المسلمين، وتلخيصًا لذلك قال بن كثير: (فلما مات «يقصد مهلائييل» قام بالأمر بعده ولده يرد فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ولده خنوخ (الذي هو أخنوخ في تعدد الترجمات)، وهو إدريس عليه السلام على المشهور)، وأقرَّ غالبية المؤرخين المسلمين القدامى بنبوته

على لسانهم «ابن كثير» بعد البحث: «كان أول بني آدم أعطى النبوة بعد آدم وشيث عليهما السلام» (يقصد أخنوخ).

 وعلى حد زعم هذا الرأي – فـ «خنوخ» هو «أخنوخ» هو «أنوخ»، هو «أنس الله» هو إدريس عليه السلام، وإنما قيل له إدريس لأنه أول من درس الوحي المكتوب، وبعدما أتم «أخنوخ» عمر ستين سنة ولد له «متوشلح». ويتداول المؤرخون أن أخنوخ الذي هو إدريس -على حد رأيهم – هو أول من شرع القتال في سبيل الله، فقد جهز جيشًا وهاجم قوم «قابيل» فهزمهم من أجل إخماد الفتنة والمعاصي، وهو سبب رئيسي في عدم ابتداع الشرك بالله في القرون الأولى قبل مجيء قوم نوح أول من عرفوا الشرك بالله، وكان ذلك سببًا في تقليص شرور ذرية قابيل وإضعاف شوكتهم.

متوشلح بن أخنوخ بن يرد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم

قام «متوشلح بن أخنوخ بن يرد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم» على عبادة الله تعالى وطاعته كما عهد إليه آباؤه، وكان قد ولد إبنه «لامك» وعمره مائة واثنتان وثمانون سنة، وفي زمانه أنتشلا الشرك وظهر، وقيل أوحى الله إلى حفيده «نوح» وهو على قيد الحياة، وأعلمه أنه باعث الطوفان على الناس مستقبلا.
ثم توفى بحسب التوراة في عمر (تسعمائة وستين سنة)، فانتقلت الوصاية من بعده إلى ابنه «لامك» وحفيده «نوح».

لامك بن متوشلح بن أخنوخ بن يارد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم

 قام لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن يارد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم « بالوصاية بعد أبيه، وكان دائم العبادة والطاعة لله، بعد أبيه، ولكن كثرت الجبابرة في عصره وانتشرت الفاحشة واعتظم الشّرك بالله، وذلك لأنه لما وقع بنو شيث في بنات قابيل ولدت منهم الجبابرة. وبحسب التوراة توفي لامك وعمره (سبعمائة وسبعا وسبعين سنة)، فاستلم الوصاية بعده ولده «نوح»، الذي رزقه الله بالنبوة بسبب فساد وشرور قومه وعبادتهم للأصنام من دون الله.

الرأي الثاني

 أصحاب هذا الرأي يقولون بأن النبوة بدأت لأول مرة من اللحظة التي اصطفى فيها الله «نوح» للنبوة وأنه هو أبو الأنبياء وأولهم، وأن كل ما سبق لا غبار عليه، فلا يدعي أحدهم تكذيبًا أو تصديقا لهذه الروايات التي تم سردها، بل إنهم يقولون إن هؤلاء أناس ربما كانوا مباركين، استلموا الوصاية عن آبائهم بدايةً من أبو البشرية «آدم» عليه السلام، ولكن لم يستلموا النبوة، واستدلوا بأن كل شخص فيهم قد جاء لأبنائه وذريتهم ليحثهم على الطاعة وتعاليم السماء. 

أما «نوح» فهو أول نبي قد بعثه الله لقوم كافرين ليسوا من نسله أو سُلالته، أما بخصوص نبي الله «إدريس» عليه السلام الذي أجذم القرآن بنبوته ومكانته العالية بشكل واضح وصريح لا يدع مجالا للشك، قالوا عنه إنه نبي لا نقاش في ذلك، لكنه بعث بعد «نوح» وإنه من ذريته ومن ذرية «إبراهيم» بالتحديد، وقال بعضهم إنه هو نفسه النبي إلياس عليه السلام الذي جاء في بني إسرائيل. 

والله أعلى وأعلم 



إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال